مرتزقة من غابات كولومبيا إلى رمال السودان…”ذئاب الصحراء” في خدمة المصالح الاماراتية!
في هذا التقرير نتناول موضوع مهم للغاية وهو كيف انتهى المطاف بجنود سابقون من كولومبيا يقاتلون الجيش السوداني.
رحلة التجنيد، المعارك في الفاشر، التكتيكات، القصف الجوي.. الدعم الاماراتي .
مقدمة:
تصاعدت الأدلة حول مشاركة مرتزقة كولومبيين يُعرفون باسم “ذئاب الصحراء”، تم استقدامهم من جانب الامارات لدعم مليشيا الدعم السريع في عملياتها العسكرية في دارفور.
يُعتقد أن هؤلاء المرتزقة جنود متقاعدون من الجيش الكولومبي وتم استدراجهم عبر عقود مع شركات أمنية خاصة تحت وعود بحماية منشآت نفطية، لكنهم وجدوا أنفسهم وسط معارك عنيفة في السودان بقيادة العقيد المتقاعد ألفارو كيجانو في عمليات التجنيد، وبالتنسيق مع شركة أمنية إماراتية تدعى (Global Security Service Group) حسب شهادة احد المرتزقة.
يقول احدهم: “هربنا من الجحيم، انه جحيم الطائرات بدون طيار وقذائف الهاون” وأضاف: “لقد وصلت مع حوالي 120 أو 150 شخصًا ولقد كنا السرية المتكاملة الأولى، ووصلت سريتين بعد ذلك نقدر اعدادهم بحوالي 350-380 جندي كولومبي سابق، ووصلت اول مجموعة الى الفاشر في نوفمبر 2024”.
وفي وصفه للقتال في مدينة الفاشر يقول: “هل لعبت Call of Duty؟ هذا كل شيء”
تجنيد المرتزقة الكولومبيين:
بدأت عملية التجنيد بعروض عمل مغرية لجنود كولومبيين متقاعدين، حيث قيل لهم إنهم سيعملون في حراسة منشآت نفطية مقابل رواتب مجزية.
العقود التي وُقِّعت كانت مع شركة(Global Security Service Group)، وهي شركة أمنية تتخذ من الإمارات مقرًا لها وتتضمن بندًا للسرية يمنع المتعاقدين من الكشف عن تفاصيل عملهم.
عند وصولهم إلى الإمارات أُبلغ المرتزقة أن مهمتهم الحقيقية ستكون القتال في السودان مما أثار استياء بعضهم.
مسار الرحلة:
1.غادر المرتزقة كولومبيا إلى الإمارات.
2.نُقلوا جوًا إلى بنغازي في ليبيا، حيث تم تجميعهم في معسكرات تدريبية من قِبل جنود ليبيون.
3.بعد عدة اسابيع دخلوا السودان عبر الصحراء الكبرى ثم تحركوا بين الحدود مع ليبيا والسودان وتشاد لتجنب هجمات القوات المسلحة السودانية.
وهذه هي المرحلة التي شهدت مخاطر كبيرة منها كمين مسلح يعتقدون أنه كان مدبرًا من قبل السلطات الليبية حيث باعت السلطات معلومات عن خط سير المرتزقة الى قوات مساندة للقوات المسلحة السودانية.
بالاسفل صور تعرض ختم الامارات وختم الصومال وختم كولومبيا في جواز احد المرتزقة العائدين من جبهة الفاشر، وكذلك مقطع فيديو للرحلة في الصحراء الكبرى وخريطة توضح مسار الرحلة من كولومبيا الى دارفور.
كمين الصحراء:
بين القتال وتراجع القافلة اثناء الكمين الذي تعرضوا له في صحراء دارفور، تعرض الرقيب المتقاعد كريستيان لومبانا لحادث في اصطدام إحدى المركبات بأخرى وأصيبت ساقه وترك خلفه أيضًا جواز سفره وبطاقة هويته والتي عثرت عليها قوات مساندة للقوات المسلحة السودانية ثم نشرتها على وسائل التواصل الاجتماعي كدليل على وجود كولومبيين في السودان (مرفق صور للوثائق).
وبحسب شهادة الجنود الأربعة فقد تم نقل لومبانا بعد ذلك إلى الإمارات حيث خضع لعدة عمليات جراحية لاستعادة ساقه.
اما بقية القوات انسحبت وتوجهت نحو الحدود التشادية حيث اعادت ترتيب صفوفها، ثم جاءت اوامر من العقيد الفارو كيجانو المسؤول عن تجنيدهم وهو قائد العملية من الامارات-دبي ان على القوة المنسحبة التوجه نحو السودان للإلتقاء بمليشيا الدعم السريع.
ثم دخلوا الى السودان حيث قابلتهم 40 مركبة مسلحة بمدافع رشاشة واعلنوا انهم حلفاء من مليشيا الدعم السريع ومن هناك اتجه الجميع نحو الفاشر حيث بدأت المواجهات.
الدخول إلى السودان والمواجهات الأولى:
وصلت أول دفعة من المرتزقة إلى السودان في نوفمبر 2024 وشاركت مباشرة في معارك الفاشر، وهي إحدى أكثر الجبهات اشتعالًا.
عند وصولهم تم تزويدهم بالأسلحة والمعدات وبدأوا في القتال جنبًا إلى جنب مع مليشيا الدعم السريع.
واجه المرتزقة تحديات كبيرة منها ضعف التنسيق مع مليشيا الدعم السريع وصعوبة التضاريس.
ووفقًا لمصادر عسكرية فإن الجيش السوداني تمكن من قتل 22 مرتزقًا كولومبيًا وأربعة إماراتيين في نوفمبر 2024 خلال قصف جوي بطائرة مسيرة انتحارية على مواقعهم، لكن الناجين من المرتزقة الكولومبيين ينفون صحة هذه الأرقام ويقولون حسب المعلومات المتوفرة لديهم أن القوات الكولومبية تعرضت لثلاثة خسائر بشرية وبقية الاعداد المذكورة تتبع لمرتزقة فاغنر و هم ايضًا مرتزقة روس يعملون لدى الدعم السريع في دارفور.
تكتيكات القتال ودور المرتزقة:
يستخدم المرتزقة الكولومبيون تكتيكات حرب العصابات، مستفيدين من خبرتهم في القتال في كولومبيا.
يشاركون بشكل أساسي في عمليات القنص، استخدام الطائرات المسيرة، والتخطيط للكمائن واستخدام المدفعية.
بالإضافة إلى القتال يقومون بتدريب عناصر مليشيا الدعم السريع على تكتيكات عسكرية متقدمة.
تشير التقارير إلى أن بعض هؤلاء المرتزقة متخصصون في التعامل مع الطائرات المسيّرة وقذائف الهاون، وهي أسلحة أحدثت فرقًا كبيرًا في بعض المعارك.
وهنا مقطع فيديو من الجبهة الشرقية في مدينة الفاشر حيث يظهر جنديين كولومبيين يستخدمون مدفعية الهاون الخاصة بهم في استهداف مقر الفرقة السادسة مشاة التابعة للقوات المسلحة السودانية.
قوات الاحتياط:
الاحتياط هنا يشير إلى القوة الاحتياطية العسكرية وهي وحدة تبقى خارج المعركة المباشرة لكنها جاهزة للتدخل عند الحاجة، ودورها يشمل:
– تعزيز القوات المتقدمة عند تعرضها لضغط كبير من الجيش السوداني.
– تغطية الانسحاب في حالة التراجع.
– حماية الأجنحة والخطوط الخلفية من الاختراقات المعادية.
– التدخل الطارئ مثل تطويق العدو (الجيش السوداني) أو سد الثغرات الدفاعية.
يكون معسكر قوات الاحتياط في موقع استراتيجي بحيث يبقى قريبًا بما يكفي للتدخل السريع ولكن بعيد لتجنب الخطر المباشر، ويجب أن يكون:
– مموهًا ومحميًا لتفادي الاكتشاف أو الاستهداف.
– مسؤولًا عن أمن القوات عبر حماية الخلفية ودعم الوحدات الميدانية.
– على اتصال مستمر بمليشيا الدعم السريع ومنطقة المعسكر.
– جاهزًا لخطط الطوارئ مثل إعادة التنظيم، التراجع المنظم، أو الهجوم المضاد. كما يجب أن يكون تكتيك الانتشار كالآتي:
12 جندي في المقدمة، و 3 جنود على الجناح الأيمن، و 6 جنود في المؤخرة، و 9 على الجناح الأيسر.
القصف الجوي:
تستخدم القوات المسلحة السودانية طائرات مثل اليوشن وأنتنوف كقاذفات قنابل في المنطقة وقال احد المرتزقة الكولومبيين انهم يسمونها “تيارا” او “طيارة” بمعنى طائرة ويصرخون بصوت عالي عند سماع صوتها لتنفيذ الارشادات العسكرية المعروفة بالاختباء او التصدي، واضاف ان هناك العديد من المرتزقة الكولومبيين تعرضوا للاصابة بسبب شظايا القنابل والبراميل المتفجرة التي ترميها هذه الطائرة.
يقول هيكتور (مرتزق) : “في الفاشر مع الفجر كان الحارس ينادي: “تيارة تيارة!” عندها يلقي الجميع بأنفسهم في الخندق وكان بإمكانك سماع صوت القنابل وهي تقع فوق رؤوسنا وتشعر بالارض وهي تهتز حولك في خندق بعمق 6 امتار”.
بعض الاوامر والارشادات العسكرية:
الفقرة 62 : لا يجب التقليل من قدرات الخصم (الجيش السوداني) خاصة فيما يتعلق بتسريب المعلومات أو الدعم المدني الذي قد يتلقونه من السكان المحليين مما يسمح لهم بمحاصرتنا في وقت قصير للغاية.
الفقرة 54 : عند ظهور طائرة بدون طيار للعدو (الجيش السوداني) يجب على الحارس الاتصال أولاً بقائد الفصيلة الذي يتواصل مع قائد القوة، ثم قائد فصيلة الطائرات بدون طيار لتنفيذ هجوم مضاد باستخدام الطائرات بدون طيار أو أجهزة التشويش، بينما ينتظر أفراد القوات الاخرى التعليمات لدعم إطلاق النار بالبنادق.
الفقرة 38 : إرشادات التعامل مع القصف الجوي من الجيش السوداني: إذا كنت تقود مركبة وسمعت أو رأيت طائرة قادمة فيجب عليك الاختباء والبحث عن غطاء او حماية وعدم التوجه نحو المعسكر حتى تختفي الطائرة، والتعامل مع الطائرات المأهولة يتم بنفس طريقة التعامل مع الطائرات بدون طيار (الفقرة 54).
الفقرة 57 : بالإضافة إلى عمليات البحث باستخدام الطائرات بدون طيار، يجب على القوات التناوب بين تنفيذ عمليات البحث المحيطية نهارًا وليلًا سيرًا على الأقدام باستخدام الاسلحة النارية وإقامة مراكز مراقبة.
الفقرة 58 : في حالة الهجوم من الجيش السوداني يجب التراجع بسبب عدم الإلمام بالتضاريس، ويجب على الأفراد التوجه إلى نقطة الالتقاء وفقًا لترتيبات مسبقة مع المسؤول المحلي.
الفقرة 21 : يجب أن تكون قيادة المركبات داخل وخارج منطقة المعسكر من قبل أشخاص ذوي خبرة ومؤهلين، وإذا كان الوقت ليلاً فيجب أن يتم ذلك بطريقة منظمة مع إطفاء اضواء المركبات.
التعامل مع العواصف الرملية والرعدية: الخيار الأفضل هو الدخول إلى منطقة مغلقة مثل المخبأ او الخندق والابتعاد عن المواد التي قد تجذب الصواعق كالاسلحة وعتاد التخييم، ومع ذلك إذا كنت وسط عاصفة رملية وبالقرب من الكثبان فلا يجب عليك البحث عن مأوى على الجانب المواجه للريح، يمكن للرياح القوية أن ترفع كميات كبيرة من الرمال بسرعة كبيرة وقد ينتهي بك الأمر مدفونًا فيها.
من ملف يتكون من (18) صفحة تمت ترجمته من الاسبانية للعربية:
الوضع في نيالا والفاشر:
تعتبر مدينة نيالا مركزًا لوجستيًا للمرتزقة الكولومبيين، حيث يتمركزون بالقرب من قيادة مليشيا الدعم السريع في المدينة.
ووفقًا لمصادر استخباراتية يتم نقل الجرحى إلى نيالا لتلقي العلاج قبل إعادتهم إلى قواعد أخرى.
كما تم رصد إنشاء حظائر للطائرات المسيرة في مطار نيالا وفق صور أقمار صناعية نشرت في فبراير 2025، مما يشير إلى تصعيد في استخدام هذه التكنولوجيا في الحرب.
يشارك المرتزقة في تعزيز الدفاعات حول الفاشر وفي الجبهة الشرقية خاصة بعد تعرضهم لضربات جوية من الجيش السوداني.
عمليات الانسحاب ومحاولات الهروب:
مع ازدياد الخسائر وعدم تحقق الوعود المالية بدأ العديد من المرتزقة في البحث عن طرق للعودة إلى بلادهم.
تم تسجيل مغادرة نحو 80 مرتزقًا حتى الآن بعد تعرضهم لمخاطر كبيرة وخداع بخصوص طبيعة مهمتهم.
طرق الخروج من السودان أصبحت أكثر تعقيدًا حيث يتم نقل المرتزقة المصابين أو الراغبين في المغادرة عبر:
مطار نيالا الى تشاد ثم الصومال والامارات وكولومبيا.
وهناك طريق آخر يشمل التسلل إلى إثيوبيا أو مصر ومن ثم العودة إلى أمريكا الجنوبية.
ورغم محاولات البعض المغادرة ولكن لا تزال شركات التجنيد مستمرة في إرسال دفعات جديدة من المرتزقة، ما يعني أن وجودهم في السودان لن ينتهي قريبًا.
الدور الإماراتي ومسارات التجنيد الجديدة:
الإمارات تعتبر الطرف الأساسي في تمويل العمليات وجلب المرتزقة حيث توفر الدعم اللوجستي والتدريبي لهم.
وبعد كشف الطريق الليبي لجأت الإمارات إلى مسار جديد عبر مدريد في اسبانيا ثم إثيوبيا والصومال، ثم إلى تشاد في قاعدة أم جرس وصولًا إلى السودان عبر مطار نيالا الذي تسيطر عليه مليشيا الدعم السريع.
تم الكشف عن أن بعض المرتزقة المصابين يتلقون العلاج في قواعد إماراتية في الصومال قبل إعادتهم إلى بلادهم وهي حالة مشابهة لحالة الرقيب كريستيان لومبانا الذي سقط في كمين الصحراء ويجري علاجه في الامارات لتعويض ساقه التي فقدها.
شركات الأمن الخاصة العاملة في الإمارات لا تزال تنشط في استقطاب المزيد من الكولومبيين، مما يجعل إنهاء هذه الظاهرة أمرًا صعبًا.
الخاتمة:
وجود المرتزقة الكولومبيين في السودان يكشف عن مدى التداخل الدولي والاماراتي تحديدًا في هذا النزاع، حيث يتم استغلال الجنود السابقين بإقحامهم في صراعات لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
بينما يواجه هؤلاء المرتزقة واقعًا مختلفًا عن الوعود التي جلبتهم إلى السودان، تستمر عمليات التجنيد ما يعني أن الحرب في السودان قد تشهد المزيد من التدخلات الاماراتية في المستقبل.
تم انشاء هذا استنادًا إلى تقرير نشرته: [La Silla Vacía] وتمت ترجمة وإعادة تنظيم المعلومات وصياغتها من جانبنا بما يضمن وضوحها وسهولة فهمها.
رابط التقرير بالاسبانية:
للاطلاع على خريطة السيطرة في السودان والعديد من التقارير العسكرية، يمكنكم زيارة الصفحة الرئيسية.