تأسيس الحركة وأهدافها
تأسست حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور في عام 2003 على خلفية النزاع الذي كان يدور في دارفور بين المجموعات المتمردة والحكومة السودانية. كان هدف الحركة الرئيسي في البداية هو تحقيق العدالة والإنصاف لأهل دارفور، خاصة في ظل التهميش الاقتصادي والسياسي الذي طالهم من قبل الحكومة السودانية. تطورت الحركة لتصبح واحدة من القوى البارزة في النزاع الدائر في المنطقة.
الحكومة المزعومة: نقطة خلافية
من أكثر النقاط إثارة للجدل في مسيرة حركة عبد الواحد نور هي الادعاء بتأسيس “حكومة موازية” أو “دولة داخل دولة”.
تركزت هذه الاتهامات حول قيام الحركة بتأسيس هيئات إدارية تعمل بشكل منفصل عن الحكومة السودانية في المناطق التي تسيطر عليها، بما في ذلك توفير الخدمات الأساسية، وتنظيم شؤون الأمن المحلي، بل وحتى القيام بأنشطة سياسية. وقد اعتبر البعض هذا النهج بمثابة محاولة لتأسيس دولة مستقلة داخل السودان، وهو ما خلق حالة من التوتر بين الحركة والحكومة السودانية.
خريطة سيطرة لأقليم دارفور:

النقد الداخلي والخارجي
انتقدت بعض الأطراف داخل الحركة نفسها سياسات عبد الواحد نور في هذا الإطار، معتبرة أن إنشاء “دولة داخل دولة” من شأنه أن يعرقل إمكانية التوصل إلى تسوية سلمية مع الحكومة السودانية. أما على الصعيد الخارجي، فقد أدان العديد من المراقبين هذه السياسات، مشيرين إلى أن مطالب الحركة قد تتعارض مع مبدأ الوحدة الوطنية الذي يمثل أساس الاستقرار في السودان.
من جهة أخرى، تبرر الحركة هذا التصرف باعتباره رد فعل على التمييز المستمر الذي يواجهه إقليم دارفور، ومطالبة بتوزيع عادل للموارد والسلطة في سياق السودان ككل. لكنها في نفس الوقت تجد نفسها في مواجهة اتهامات بأنها تعمق الانقسامات الداخلية، وتؤدي إلى مزيد من التفكك في بلد يعاني من أزمات متعددة.
المفاوضات والتسويات
مرت حركة عبد الواحد نور بمرحلة من التفاوض مع الحكومة السودانية، خاصة بعد التوقيع على اتفاقيات السلام في الدوحة عام 2011. ورغم محاولات الحركة التوصل إلى تسوية سلمية، فإنها لم توقع على الاتفاقية في نهاية المطاف، مستندة إلى أن مطالبها لم تُلبَّ بالكامل، وأهمها حصول دارفور على حكم ذاتي حقيقي. لم تكن المفاوضات على قدر كبير من النجاح، إذ كانت هناك تناقضات كبيرة في المواقف بين الطرفين، وكان أبرزها قضية التمثيل السياسي والاقتصادي العادل في الحكومة السودانية.
دور الحركة في النزاع السوداني
تظل حركة عبد الواحد نور واحدة من الحركات المسلحة الأكثر تأثيرًا في السودان، خاصة في نزاع دارفور. وقد وضعت الحركة قضية أهل دارفور في صدارة اهتمام المجتمع الدولي، الذي يسعى لإيجاد حل شامل للأزمة. لكن في الوقت نفسه، يظل الحديث عن “دولة داخل دولة” مثارًا للجدل ويمثل تحديًا كبيرًا في أي محادثات مستقبلية.
الخاتمة
تستمر حركة عبد الواحد نور في تقديم نفسها كمنظمة تمثل مطالب دارفور المشروعة في مواجهة الحكومة السودانية. ومع ذلك، يظل ملف “الحكومة الموازية” وتأسيس “دولة داخل دولة” أحد القضايا الرئيسية التي تثير الجدل حول طريقة تعامل الحركة مع مسألة الوحدة السودانية. هذه القضية قد تكون عقبة كبيرة أمام إمكانية التوصل إلى اتفاق دائم يضمن حقوق دارفور ضمن الإطار الوطني السوداني.