سلاح المدرعات بالقوات المسلحة السودانية: من الحصار الى النصر في 170 مواجهة.
كرونولوجيا نستعرض فيها بعض المعلومات عن سلاح المدرعات وكيف تم فك الحصار الكامل والحصار الجزئي ذاتيًا.
التقرير يتناول الظروف التي مرت بها المنطقة العسكرية تحت الحصار، ويركز على ما بعد دور القوات في مواجهة الهجمات المستمرة بالإضافة إلى دعمها للمواطنين والوافدين.
يشمل التقرير ايضًا توثيق المعارك المهمة والتسليح المستخدم والخرائط الزمنية التي توضح تطور الموقف العسكري.
طبيعة القوات والاستنفار
قاعدة سلاح المدرعات تمتاز بعلاقة وجدانية مع سكان الأحياء المجاورة بسبب النشاطات الاجتماعية التي نفذتها القوات في فترة ما قبل الحرب.
هذه العلاقة ساهمت في خلق حالة استنفار عامة بين النظاميين من افراد جهاز الأمن وقوات الشرطة والمدنيين في المنطقة للدفاع عن المعسكر أثناء الحرب.
كما ذكر قائد المنطقة انضمام عدد من النساء إلى جبهات القتال والمشاركة في الأنشطة الإنسانية والعمل بالمستشفيات العسكرية.
الوضع الإنساني
خلال الحصار شهدت المنطقة تعاونًا كبيرًا بين المواطنين والقوات المسلحة مما ساعد في:
– إنشاء مراكز إيواء لكبار السن تحت إشراف لجان طبية وإدارية. – دعم الأسر عبر مساعدات طبية وغذائية تشمل سلال غذائية شهرية ووجبات يومية.
– إجلاء عدد من السودانيين الأجانب من جنسيات متعددة منها (مصرية، جنوب سودانية، إثيوبية، إرترية، سيريلانكية، تايلاندية، وغيرها) عبر قوات سلاح المدرعات.
وهي تفاصيل ذكرها قائد المنطقة في لقاء مع فريق قناة الحدث وفي لقاء آخر مع فريق مركز الشهيد عثمان مكاوي للإعلام العسكري.
خطوط وطبيعة الإمداد
في بداية الحرب بعدما دعمت سلاح المدرعات القيادة العامة بمجموعة من الدبابات لم يكن هناك خط امداد يصل للمدرعات ولكن رغم ذلك اعتمدت على اكتساب الغنائم من المعارك حتى تمكنت بقية وحدات القوات المسلحة من تأمين طرق لإيصال الإمدادات، حيث تمكنت القوات الجوية في دعم المنطقة عبر الإمداد الجوي بينما لعبت القوات البحرية دور كبير ومحوري في تنظيم خط إمداد مستمر بين سلاح المدرعات بالخرطوم وسلاح المهندسين في أم درمان عبر نهر النيل الأبيض، مما عزز من استمرارية الدعم بالجنود والمواد الغذائية والطبية وتنوع التسليح، وهذا النقل البحري كان بمثابة كسر الحصار الكامل المفروض على سلاح المدرعات وتحويله لحصار جزئي يغطي المناطق البرية دون البحرية.
يُرجح أن مليشيا الدعم السريع تمكنت من استهداف بعض عمليات الإمداد عبر النهر، نظرًا لمرور المسار في مرحلة معينة بمنطقة تحيط بها عناصر المليشيا من الضفتين.
ومع ذلك يبدو أن محاولات قطع الإمداد -إن حدثت- لم تؤثر بشكل فعال، حيث واصلت المدرعات تعزيز قدراتها وزيادة عتادها وتنوعه إلى جانب استقدام أعداد كبيرة من القوات المدربة للتعامل مع الراجمات والمسيرات، إضافةً إلى تنظيم عمليات إجلاء المصابين للعلاج في السلاح الطبي بأم درمان.
بهذا التنسيق استعادت أسلحة الجيش بالخرطوم قدرتها على العمل الجماعي مما مكنها من امتصاص الهجمات والتقدم لفك الحصار عن جميع المناطق العسكرية التي فُرض عليها الحصار منذ الأيام الأولى للحرب نتيجة الانتشار الواسع لعناصر الدعم السريع، وهو ما منحها الأفضلية في تطويق المواقع العسكرية وفرض حصار شامل عليها.
وقد نجحت القوات المسلحة في تحقيق ذلك، حيث تمكنت حتى لحظة كتابة هذا التقرير من كسر الحصار بالكامل براً عن كافة مواقعها العسكرية في العاصمة وتمكنت ايضًا من السيطرة بالكامل على محليات بحري وشرق النيل، أكبر مناطق سيطرة الدعم السريع في الخرطوم.
التسليح والمعارك
استخدمت مليشيا الدعم السريع في هجماتها مجموعة من الأسلحة الثقيلة منها:
– راجمات صواريخ من عيار 122 وعيار 107 ومدفعية من عيار 155 و 120 و 82 بالإضافة الى منصات مضادة للدروع.
– مُسيرات صربية بأجزاء مخصصة للإمارات.
– مدرعات إماراتية من نوع 20-MCAV ونوع A440 ودبابات إضافة إلى آليات حفر لخرق الحواجز المحيطة بالمعسكر.
الهجمات كانت تشمل مئات المركبات العسكرية في موجات متتالية تصل في بعض الهجمات إلى 250 مركبة عسكرية.
اعتمد الجيش في دفاعه على تسليحه التقليدي مستخدمًا الدبابات المتوفرة والمدرعات والمدفعية إضافةً إلى إنشاء الخنادق لصد الهجمات، وفي العديد من المعارك استعان بالطيران الحربي لدعم الهجمات المضادة وتعزيز الدفاعات عند الحاجة وفي تدمير المدفعيات المعادية التي كانت تستهدف سلاح المدرعات.
استمرت طبيعة القتال على هذا النحو حتى نجحت القوات الجوية والبحرية في تأمين خطوط إمداد مستمرة لدعم القوات البرية مما مكن سلاح المدرعات من فك الحصار الجزئي من الداخل وبدء عمليات التوسع خارجيًا الى القيادة العامة، بهذا التنسيق تمكنت القوات المسلحة من الانتصار في أكثر من 170 معركة دفاعًا عن القاعدة، ثم بدأت الهجوم وايضًا حققت سلسلة انتصارات في التقدم.
19 أكتوبر 2024
حي اللاماب.. اختراق مهد الطريق نحو معاقل الدعم السريع
بعد نجاح قوات متنوعة عبر مقر سلاح المهندسين في عبور جسر فوق النيل والتوغل داخل منطقة المقرن، تمكنت قوات سلاح المدرعات من استثمار هذا التقدم والمضي شمالًا نحو حي اللاماب.
بعملية هجوم بالمركبات وخارج الخنادق الدفاعية تمكنت القوات المسلحة من فرض سيطرتها الكاملة على الحي، محققة بذلك اختراقًا استراتيجيًا مهد الطريق للمرحلة التالية، حيث أصبح بإمكانها التقدم نحو إحدى أهم معاقل الدعم السريع والتي كانت بمثابة مقر قيادتها ومركز انطلاق عملياتها في المحور الشمالي.
لم تكن السيطرة على حي اللاماب مجرد استحواذ على منطقة سكنية، بل كانت خطوة مفصلية في تفكيك منظومة الدفاعات الشمالية للدعم السريع، مما منح القوات المسلحة القدرة على التقدم نحو الأهداف الاستراتيجية التالية وقلّص خيارات المليشيا في الدفاع عن مواقعها المتبقية.
12 يناير 2025
أبراج الرواد.. سقوط أحد معاقل الدعم السريع في الجبهة الشمالية
يُعد مجمع أبراج الرواد أحد أهم المواقع الاستراتيجية في محيط سلاح المدرعات، حيث يتكون من 19 بناية سكنية يتراوح ارتفاع كل منها بين 7 إلى 8 طوابق، وشكلت هذه الأبراج نقطة انطلاق رئيسية للدعم السريع لتنفيذ هجماتها على المدرعات من الجبهة الشمالية والتي كانت من أكثر جبهات القتال شراسة في المنطقة العسكرية حتى ان سلاح المدرعات يحتوي على طبقتين من الخنادق في تلك الجبهة.
وفي 12 يناير نجحت القوات المسلحة في تنفيذ عملية عسكرية أسفرت عن السيطرة الكاملة على المجمع، وذلك بعد تقدمها من منطقة اللاماب باتجاه الأبراج حيث تمكنت من اجتياز الطريق ومع اشتداد الضغط انهارت دفاعات الدعم السريع داخل المجمع، مما أدى إلى فرار قائد القوة المتمركزة هناك وسيطرة القوات المسلحة على المنطقة.
السيطرة على أبراج الرواد شكلت نقطة تحول استراتيجية في مسار العمليات نحو القيادة العامة، إذ كانت الأبراج من أكبر العقبات العسكرية التي تعترض طريق الجيش في محاولاته لاختراق الجبهة الشمالية باتجاه قلب المدينة.
ومع تأمين هذا الموقع الحاسم أصبحت القوات المسلحة قادرة على المضي قدمًا نحو أهدافها الاستراتيجية في المنطقة.
5 فبراير 2025
التوغل في المنطقة الصناعية.. معارك أسرع وخيارات أصعب للدعم السريع
وفي إكمال سلسلة الانتصارات، واصلت قوات سلاح المدرعات تقدمها شمالاً محققة انتصارين متتاليين وهما التوغل داخل المنطقة الصناعية والسيطرة على حي الرميلة، الحي الفاصل بين المنطقة الصناعية واللاماب.
شكل التوغل في المنطقة الصناعية مصدر قلق كبير للدعم السريع، حيث أصبحت المسافة الفاصلة بين الجيش المتقدم ومقر الكتيبة الاستراتيجية مجرد أمتار، ويُعد هذا المقر العسكري من أهم المواقع التي سيطرت عليها المليشيا منذ 2023 الأمر الذي جعلها تستنفر لمواجهة هذا التقدم غير المتوقع.
تميزت المواجهات في المنطقة الصناعية بسرعتها مقارنة بالمعارك السابقة، حيث كانت المباني أقل تعقيدًا من التركيب العمراني في اللاماب والرميلة لكن الأهمية الاستراتيجية والنفسية لهذه الجبهة دفعت الدعم السريع لتعزيز قواتها هناك بشكل مكثف، إدراكًا منها أن الجيش يتجه إما نحو القيادة العامة أو نحو تعزيز قواته في المقرن بمهاجمة الدعم السريع من الخلف، وكلا الخيارين يشكلان خطرًا وجوديًا على سيطرتها.
17 فبراير 2025
الجيش يوسع جبهة القتال.. تشتيت استراتيجي للدعم السريع
نجحت قوات سلاح المدرعات في فرض سيطرتها على المنطقة الصناعية، ومن هناك بدأت في توسيع جبهة القتال لتشمل مناطق جديدة مثل السجانة والخرطوم 3، مما دفع الدعم السريع إلى الانسحاب باتجاه الخرطوم 2 والديوم، وفقًا لما توضحه اتجاهات الأسهم في الخريطة.
وفي هذه المرحلة أصبحت نوايا الجيش غير واضحة بالنسبة للدعم السريع؛ هل تتجه القوات نحو المقرن للالتحام بوحدات سلاح المهندسين؟ أم أن هدفها الوصول إلى القيادة العامة؟ أم أنها تخطط للتحرك باتجاه المطار؟ هذا الغموض الاستراتيجي خلق حالة من الارتباك في صفوف المليشيا حيث بات من الصعب عليها تحديد الجبهة التي تحتاج لتعزيزات أكثر.
خلال الأيام التالية واصلت قوات سلاح المدرعات تقدمها داخل السجانة حتى وصلت إلى مستشفى الجودة وأحكمت سيطرتها على المنطقة بالكامل، وهنا تصاعدت حالة الارتباك إذ بدأ التساؤل يتكرر مجددًا: هل تستعد هذه القوات بالفعل للتوجه نحو المطار؟
16 مارس 2025
انتصار استراتيجي للجيش.. والحصار يضيق على الدعم السريع
يتضح على الخريطة بمنطقة السجانة توسع في مناطق سيطرة القوات المسلحة وهو التشتيت الذي نفذته سابقًا، هذا التوسع مكنها بحلول 16 مارس من إحكام قبضتها على معظم مناطق الخرطوم 3 مع التوغل في أجزاء من الحي التالي شرقًا وهو الخرطوم 2.
وهنا بدأت ملامح الحصار تتشكل بوضوح وبرزت نوايا الجيش في تحديد هدف عملياته التالية: التقدم نحو القيادة العامة لعزل الدعم السريع في منطقة مغلقة مما يسهل القضاء عليها ويمنع وصول أي تعزيزات إليها.
في تلك اللحظات أدرك العديد من عناصر المليشيا شبه المحاصرين أن وضعهم أصبح حرجًا، فحاولوا الفرار من المنطقة قبل اكتمال الحصار لكن محاولاتهم باءت بالفشل بعد وقوعهم في كمائن نصبتها القوات المسلحة.
17 مارس 2025
ليلة الاثنين.. المعركة الفاصلة في استراتيجية الجيش
بحلول يوم الاثنين 17 مارس اندلعت معركة حاسمة استمرت حتى غروب الشمس، وأكدت في نتائجها نجاح استراتيجية الجيش في عزل الدعم السريع داخل نطاق محكم.
مع انتهاء المعركة دخلت قوات المدرعات الى القيادة العامة وانقسمت قوات الدعم السريع إلى مجموعتين: الأولى تمكنت من الفرار نحو مناطق أخرى داخل العاصمة وكانت الأكثر حظًا، بينما وجدت الثانية نفسها محاصرة بالكامل ولم تمنحها القوات المسلحة أي فرصة لإعادة التمركز، بل بدأت فورًا في اجتياح مواقعها لتوسيع عنق منطقة الالتحام مع القيادة العامة، مستغلة تفوقها التكتيكي وانهيار خطوط الدفاع لدى المليشيا.
الختام
أُعد هذا التقرير بجهود منصة VISTA MAPS للخرائط العسكرية والتحليلات، بعد بحث ومراجعة شاملة لتوثيق الأحداث التي جرت في سلاح المدرعات وسلاح الذخيرة .
19 مارس 2025
لتحميله بصيغة ملف PDF: